تفسير القرطبي ج: 9 ص: 327
قيل إن اليهود عابوا على النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج وعيرته بذلك وقالوا مانرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح ولو كان نبيا لشغله أمر النبوة عن النساء فأنزل الله هذه الآية وذكرهم أمر داود وسليمان فقال ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية أي جعلناهم بشرا يقضون ما أحل الله من شهوات الدنيا وإنما التخصيص في الوحي الثانية هذه الآية تدل على الترغيب في النكاح والحض عليه وتنهى عن التبتل وهو ترك النكاح وهذه سنة المرسلين كما نصت عليه هذهالآية والسنة واردة بمعناها قال صلى الله عليه وسلم تزوجوا فإني مكاثر بكمالأمم الحديث وقد تقدم في آل عمران وقال من تزوج فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الثاني ومعنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنى والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما الجنة فقال من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة مابين لحييه ومابين رجليه خرجه الموطأ وغيره وفي صحيح البخاري عن أنس قال جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ماتقدم من ذنبه وماتأخر فقال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال الآخر إني أصوم الدهر فلا أفطر وقال الآخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذ وكذا أما والله إني لأخشاكم للهوأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني خرجه مسلم بمعناه وهذا أبين وفي صحيح مسلم عن سعد بن وقاص قال أراد عثمان أن يتبتل فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم ولو أجاز له ذلك لاختصينا وقد تقدم في آل عمران الحض على طلب الولد والرد على من جهل ذلك وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول إني لأتزوج المرأة ومالي فيها من حاجة وأطؤها وما أشتهيها قيل له وما يحملك على ذلك ياأمير المؤمنين قال حبي أن يخرج الله مني من يكاثر به النبي صلى الله عليه وسلم النبيين يوم القيامة وإني سمعته يقول عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأحسن أخلاقا وأنتق أرحاما وإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة يعني بقوله أنتق أرحاما أقبل للولد ويقال للمرأة الكثيرة الولد ناتق لأنها ترمي بالأولاد رميا وخرج داود عن معقل بن يسار قال جاء رجل إلىر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد أفأتزوجها قال لا ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم .
فتح القدير ج: 3 ص: 223
ولا تقربوا الزنى وفى النهي عن قربانه بمباشرة مقدماته نهى عنه بالأولى فإن الوسيلة إلى الشيء إذا كانت حراما كان المتوسل إليه حراما بفحوى الخطاب والزنى فيه لغتان المد والقصر قال الشاعر كانت فريضة ما تقول كما كان الزناء فريضة الرجم ثم علل النهي عن الزنا بقوله إن كان فاحشة أى قبيحا متبالغا فى القبح مجاوزا للحد وساء سبيلا أى بئس طريقا طريقه وذلك لأنه يؤدي إلى النار ولا خلاف فى كونه من كبائر الذنوب وقد رود فى تقبيحه والتنفير عنه من الأدلة ما هو معلوم.
تفسير الجلالين ج: 1 ص: 369
ولا تقربوا الزنى أبلغ من لا تأتوه إنه كان فاحشة قبيحا وساء بئس سبيلا طريقا هو .
تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 39
الآيات 1732 32 يقول تعالى ناهيا عباده عن الزنا وعن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة أي ذنبا عظيما وساء سبيلا أي وبئس طريقا ومسلكا وقد قال الإمام أحمد 5356 حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حريز حدثنا سليم بن عامر عن أبي أمامة أن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أئذن لي بالزنا فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا مه مه فقال أدنه فدنا منه قريبا فقال جلس فجلس فقال أتحبه لأمك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم قال أفتحبه لابنتك قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لبناتهم قال أفتحبه لأختك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال أفتحبه لعمتك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لعماتهم قال أفتحبه لخالتك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال فوضع يده عليه وقال اللهم أغفر ذنبه وطهر قلبه وأحصن فرجه قال فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء وقال ابن أبي الدنيا حدثنا عمار بن نصر حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له.
تفسير النسفي ج: 2 ص: 285
ولا تقربوا الزنا القصر فيه أكثر والمدلغة وقد قرىء به وهو نهى عن دواعى الزنا كالمس والقبلة ونحوهما ولو أريد النهى عن نفس الزنا لقال ولا تزنوا إنه كان فاحشة معصية مجاوزة حد الشرع والعقل وساء سبيلا وبئس طريقا طريقه .
عون المعبود ج: 6 ص: 30
الذين خاطبهم أولا بقوله من استطاع منكم وقد استحسنه القرطبي والحافظ والإ رشاد إلى الصوم لما فيه من الجوع والامتناع عن مثيرات الشهوة ومستدعيات طغيانها فإنه أي الصوم له أي لمن قدر على الجماع ولم يقدر على التزويج لفقره وجاء بكسر الواو والمد هو رض الخصيتين والمراد ههنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني كما يقلعه الوجاء قال النووي في هذا الحديث الأمر بالنكاح لمن استطاعه وتاقت إليه نفسه وهذا مجمع عليه لكنه عندنا وعند العلماء كافة أمر ندب لا إيجاب فلا يلزم التزوج ولا التسري سواء خاف العنت أم لا هذا مذهب العلماء كافة ولا يعلم أحد أوجبه إلا داود ومن وافقه من أهل الظاهر ورواية عن أحمد فإنهم قالوا يلزمه إذا خاف العنت أن يتزوج أو يتسرى قالوا وإنما يلزمه في العمر مرة واحدة ولم يشترط بعضهم خوف العنت قال أهل الظاهر إنما يلزمه التزويج فقط ولا يلزمه الوطء وتعلقوا بظاهر الأمر في هذا الحديث مع غيره من الأحاديث مع القرآن قال الله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وغيرها من الآيات واحتج الجمهور بقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء إلى قوله تعالى أو ما ملكت إيمانكم فخير سبحانه وتعالى بين النكاح والتسري قال الإمام المازري هذا حجة للجمهور لأنه سبحانه وتعالى خيره بين النكاح والتسري بالاتفاق ولو كان النكاح واجبا لما خيره بين النكاح وبين التسري لأنه يصح ثم الأصوليين التخيير بين واجب وغيره لأنه يؤدي إلى إبطال حقيقة الواجب وأن تاركه لا يكون آثما انتهى قال المنذري وأخرجه .
عون المعبود ج: 13 ص: 123
عن شبيل بالتصغير بن عزرة بفتح العين المهملة بعدها زاي ساكنة ثم راء قال مثل الجليس الصالح فذكره نحوه والحديث سكت عنه المنذري لا تصاحب إلا مومنا أي كاملا أو المراد النهي عن مصاحبة الكفار والمنافقين لأن مصاحبتهم مضرة في الدين فالمراد بالمؤمن جنس المؤمنين ولا يأكل طعامك إلا تقي أي متورع والأكل وإن نسب إلى التقي ففي الحقيقة مسند إلى صاحب الطعام فالمعنى لا تطعم طعامك إلا تقيا قال الخطابي إنما جاء هذا في طعام الدعوة دون طعام الحاجة وذلك أن الله سبحانه قال ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ومعلوم أن أسراءهم كانوا مؤمنين ولا أتقياء وإنما حذر عليه السلام من البغوي من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته فإن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب قال المنذري وأخرجه الترمذي وقال إنما نعرفه من هذا الوجه الرجل يعني الإنسان على دين خليله أي على عادة صاحبه وطريقته وسيرته فلينظر أي يتأمل ويتدبر من يخالل فمن رضي دينه وخلقه خالله ومن لا تجنبه فإن الطباع سراقة .
تحفة الأحوذي ج: 7 ص: 42
قوله الرجل يعني الإنسان على دين خليله أي على عادة صاحبه وطريقته وسيرته فلينظر أي فليتأمل وليتدبر من يخالل من المخالة وهي المصادقة والإخاء فمن رضي دينه وخلقه خالله ومن لا تجنبه فإن الطباع سراقة والصحبة مؤثرة في إصلاح الحال وإفساده قال الغزالي مجالسة الحريص ومخالطته تحرك الحرص ومجالسة لصاحب ومخاللته تزهد في الدنيا لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء بل الطبع من حيث لا يدري.
فيض القدير ج: 4 ص: 52
الرجل على دين خليله أي صاحبه فلينظر أحدكم من يخال أي فليتأمل أحدكم بعين بصيرته إلى امرى ء يريد صداقته فمن رضي دينه وخلقه صادقه وإلا تجنبه د ت عن أبي هريرة وحسنه المؤلف فرمز لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال النووي في رياضه إسناده صحيح.
تفسير الجلالين ج: 1 ص: 462
30 قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم عما لا يحل لهم نظره ومن زائدة ويحفظوا فروجهم عما لا يحل لهم فعله بها ذلك أزكى أي خير لهم إن الله خبير بما يصنعون بالإبصار والفروج فيجازيهم عليه 31 وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن عما لا يحل لهن نظره ويحفظن فروجهن عما لا يحل لهن فعله بها ولا يبدين يظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب وليضربن بخمرهن علىجيوبهن أي سترن الرءوس والأعناق والصدور بالمقانع ولا يبدين زينتهن الخفية وهي ما عدا الوجه والكفين إلا لبعولتهن جمع بعل أي زوج أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أونسائهن أو ما ملكت أيمانهن فيجوز لهم نظره إلا ما بين السرة والركبة فيحرم نظره لغير الأزواج وخرج بنسائهن الكافرات فلا يجوز للمسلمات الكشف لهن وشمل ما ملكت أيمانهن العبيد أو التابعين في فضول الطعام غير بالجر صفة والنصب استثناء أولى الإربة أصحاب الحاجة إلى النساء من الرجال بأن لم ينتشر ذكر كل أو الطفل بمعنى الأطفال الذين لم يظهروا يطلعوا على عورات النساء للجماع فيجوز أن يبدين لهم ما عدا ما بين السرة والركبة ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن من خلخال يتقعقع وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون مما وقع لكم من النظر الممنوع منه ومن غيره لعلكم تفلحون تنجون.